لَا يَلْتَقِي إِسْنَادُكَ، وَإِسْنَادُ مُسْلِمٍ - أَوْ نَحْوُهُ - إِلَّا بَعِيدًا عَنْ شَيْخِ مُسْلِمٍ، فَيَلْتَقِيَانِ فِي الصَّحَابِيِّ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتِ الْمُصَافَحَةُ الَّتِي تَذْكُرُهَا لَيْسَتْ لَكَ، بَلْ لِمَنْ فَوْقَكَ مِنْ رِجَالِ إِسْنَادِكَ، أَمْكَنَ الْتِقَاءُ الْإِسْنَادَيْنِ فِيهَا فِي شَيْخِ مُسْلِمٍ، أَوْ أَشْبَاهِهِ، وَدَاخَلَتِ الْمُصَافَحَةُ حِينَئِذٍ الْمُوَافَقَةَ، فَإِنَّ مَعْنَى الْمُوَافَقَةِ رَاجِعٌ إِلَى مُسَاوَاةٍ وَمُصَافَحَةٍ مَخْصُوصَةٍ، إِذْ حَاصِلُهَا: أَنَّ بَعْضَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ رُوَاةِ إِسْنَادِكَ الْعَالِي سَاوَى أَوْ صَافَحَ مُسْلِمًا، أَوِ الْبُخَارِيَّ، لِكَوْنِهِ سَمِعَ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْ شَيْخِهِمَا، مَعَ تَأَخُّرِ طَبَقَتِهِ عَنْ طَبَقَتِهِمَا.
وَيُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْعَوَالِي الْمُخَرَّجَةِ لِمَنْ تَكَلَّمَ أَوَّلًا فِي هَذَا النَّوْعِ، وَطَبَقَتُهُمُ الْمُصَافَحَاتُ مَعَ الْمُوَافَقَاتِ، وَالْأَبْدَالِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْعُلُوِّ عُلُوٌّ تَابِعٌ لِنُزُولٍ، إِذْ لَوْلَا نُزُولُ ذَلِكَ الْإِمَامِ فِي إِسْنَادِهِ لَمْ تَعْلُ أَنْتَ فِي إِسْنَادِكَ.
وَكُنْتُ قَدْ قَرَأْتُ بِمَرْوَ عَلَى شَيْخِنَا الْمُكْثِرِ أَبِي الْمُظَفَّرِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ الْحَافِظ ِ الْمُصَنِّفِ أَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، فِي أَرْبَعِي أَبِي الْبَرَكَاتِ الْفُرَاوِيِّ حَدِيثًا ادَّعَى فِيهِ أَنَّهُ كَأَنَّهُ سَمِعَهُ هُوَ أَوْ شَيْخُهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْمُظَفَّرِ: " لَيْسَ لَكَ بِعَالٍ، وَلَكِنَّهُ لِلْبُخَارِيِّ نَازِلٌ ". وَهَذَا حَسَنٌ لَطِيفٌ، يَخْدِشُ وَجْهَ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْعُلُوِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute