للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْتُ: وَهَؤُلَاءِ يَعْنِي أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَصَدَّى لِذَلِكَ وَعُنِيَ بِهِ، وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِيهِ جَرْحًا وَتَعْدِيلًا مُتَقَدِّمٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَجُوِّزَ ذَلِكَ صَوْنًا لِلشَّرِيعَةِ، وَنَفْيًا لِلْخَطَأِ وَالْكَذِبِ عَنْهَا.

وَكَمَا جَازَ الْجَرْحُ فِي الشُّهُودِ جَازَ فِي الرُّوَاةِ، وَرُوِّيتُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ خَلَّادٍ قَالَ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَمَا تَخْشَى أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَرَكْتَ حَدِيثَهُمْ خُصَمَاءَكَ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: لَأَنْ يَكُونُوا خُصَمَائِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِي: " لِمَ لَمْ تَذُبَّ الْكَذِبَ عَنْ حَدِيثِي؟ ".

وَرُوِّينَا - أَوْ بَلَغَنَا - أَنَّ أَبَا تُرَابٍ النَّخْشَبِيَّ الزَّاهِدَ سَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: " يَا شَيْخُ! لَا تَغْتَبِ الْعُلَمَاءَ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! هَذَا نَصِيحَةٌ لَيْسَ هَذَا غَيْبَةً ".

ثُمَّ إِنَّ عَلَى الْآخِذِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - وَيَتَثَبَّتَ وَيَتَوَقَّى التَّسَاهُلَ، كَيْلَا يَجْرَحَ سَلِيمًا وَيَسِمَ بَرِيئًا بِسِمَةِ سُوءٍ يَبْقَى عَلَيْهِ الدَّهْرَ عَارُهَا، وَأَحْسَبُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ - وَقَدْ

<<  <   >  >>