للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْحُكْمِ فِي التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ فَذَلِكَ فِيمَا أَوْرَدَهُ مِنْهُ أَصْلًا وَمَقْصُودًا لَا فِيمَا أَوْرَدَهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِشْهَادِ، فَإِنَّ الشَّوَاهِدَ يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الصَّحِيحِ، مُعَلَّقًا كَانَ أَوْ مَوْصُولًا.

ثُمَّ إِنَّ لَفْظَ التَّعْلِيقِ وَجَدْتُهُ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا حُذِفَ مِنْ مُبْتَدَأٍ إِسْنَادُهُ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمُ اسْتَعْمَلَهُ فِي حَذْفِ كُلِّ الْإِسْنَادِ.

مِثَالُ ذَلِكَ: قَوْلُهُ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَذَا وَكَذَا. رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا ". وَهَكَذَا إِلَى شُيُوخِ شُيُوخِهِ.

وَأَمَّا مَا أَوْرَدَهُ كَذَلِكَ عَنْ شُيُوخِهِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ قَرِيبًا فِي الثَّالِثِ مِنْ هَذِهِ التَّفْرِيعَاتِ.

وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ أَنَّهُ جَعَلَهُ قِسْمًا مِنَ التَّعْلِيقِ ثَانِيًا، وَأَضَافَ إِلَيْهِ قَوْلَ الْبُخَارِيِّ - فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ -: " وَقَالَ لِي فُلَانٌ، وَزَادَنَا فُلَانٌ " فَوَسَمَ كُلَّ ذَلِكَ بِالتَّعْلِيقِ الْمُتَّصِلِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، الْمُنْفَصِلِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَقَالَ: مَتَى رَأَيْتَ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: " وَقَالَ لِي، وَقَالَ لَنَا " فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِسْنَادٌ لَمْ يَذْكُرْهُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُهُ لِلِاسْتِشْهَادِ بِهِ.

وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الْمُحَدِّثُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَمَّا جَرَى بَيْنَهُمْ فِي الْمُذَاكَرَاتِ وَالْمُنَاظَرَاتِ،

<<  <   >  >>