للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُدَلِّسَ ". وَهَذَا مِنْ شُعْبَةَ إِفْرَاطٌ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ عَنْهُ وَالتَّنْفِيرِ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي قَبُولِ رِوَايَةِ مَنْ عُرِفَ بِهَذَا التَّدْلِيسِ فَجَعَلَهُ فَرِيقٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ مَجْرُوحًا بِذَلِكَ، وَقَالُوا: لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ بِحَالٍ بَيَّنَ السَّمَاعَ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ.

وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ، وَأَنَّ مَا رَوَاهُ الْمُدَلِّسُ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ السَّمَاعَ وَالِاتِّصَالَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْسَلِ وَأَنْوَاعِهِ، وَمَا رَوَاهُ بِلَفْظٍ مُبَيِّنٍ لِلِاتِّصَالِ نَحْوَ (سَمِعْتُ، وَحَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا) وَأَشْبَاهِهَا فَهُوَ مَقْبُولٌ مُحْتَجٌّ بِهِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ حَدِيثِ هَذَا الضَّرْبِ كَثِيرٌ جَدًا: كَقَتَادَةَ، وَالْأَعْمَشِ، وَالسُّفْيَانَيْنِ، وَهِشَامِ بْنِ بَشِيرٍ، وَغَيْرِهِمْ.

وَهَذَا لِأَنَّ التَّدْلِيسَ لَيْسَ كَذِبًا، وَإِنَّمَا هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْإِيهَامِ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ.

وَالْحُكْمُ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنَ الْمُدَلِّسِ حَتَّى يُبَيِّنَ قَدْ أَجْرَاهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ عَرَفْنَاهُ دَلَّسَ مَرَّةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <   >  >>