فليس هذا مورد كلامنا وإن أريد أن المفتقر إلى ما يدخل في نفسه ممكن بنفسه كان هذا ممنوعا بل كان معلوم الفساد بالضرورة فإن افتقاره إلى ما يدخل في نفسه ليس بأعظم من افتقاره إلى نفسه وإذا كان هو موجود بنفسه بمعنى أنه لا يفتقر إلى مباين له لم يلزم من هذا ألا تفتقر نفسه إلى نفسه فكذلك لا يلزم ألا تفتقر إلى ما يدخل في مسمى نفسه وإذا قيل هو مفتقر إلى نفسه فله معينان أحدهما أنه مفتقر إلى أن يفعل نفسه ونحو ذلك فهذا ممتنع لذاته فإن الشيء لا يكون فاعلا لنفسه والعلم بذلك ضروري وإن أريد بذلك أن نفسه لا تكون إلا بنفسه ولا تستغني عن نفسه ويمتنع وجود نفسه بدون نفسه فهذا صحيح لا بد منه
وإذا قيل هو مفتقر إلى ما يدخل في نفسه سواء سمي صفة أو جزءا أو غير ذلك قيل أتريد به أن ذلك الجزء يكون فاعلا له أو ما يشبه هذا فهذا ممتنع باطل ولا يقوله عاقل وإن أردت بذلك أنه لا يكون موجودا إلا بوجود ذلك وأنه يمتنع وجوده بدونه ونحو ذلك كان ما يقدر في هذا دون ما يقدر في نفسه وإذا كان لا توجد نفسه إلا بنفسه فأن لا يوجد إلا بما يدخل في نفسه بطريق الضرورة وإذا كان ذلك أمرا واجبا لا محذور فيه فهذا بطريق الأولى وإذا كان تقدير استغناء نفسه عن نفسه يوجب عدمه فكذلك تقدير وجوده بدون ما هو داخل في مسمى نفسه مما هو لازم له يوجب عدمه بالحقيقة