ولا صفة ولا قدرا الموجود لا بد له من حقيقة تخصه مستلزمة لصفته وقدره فهم من أعظم الناس تعطيلا للخالق وجحودا له وإن كانوا يعتقدون أنهم يقرون به وقد بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع
والرسل عليهم صلوات الله جاءوا بإثبات مفصل ونفي مجمل وهؤلاء ناقضوهم جاءوا بنفي مفصل وإثبات مجمل فإن الرسل أخبرت كما أخبر الله في كتابه الذي بعث به رسوله أنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه حكيم عزيز غفور ودود وأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش وأنه كلم موسى تكليما وتجلى للجبل فجعله دكا وأنه أنزل على عبده الكتاب إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته وقال في النفي والتنزيه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} وهؤلاء الملاحدة جاءوا بنفي مفصل وإثبات مجمل فقالوا في النفي ليس بكذا ولا كذا ولا كذا فلا يقرب من شيء ولا يقرب منه شيء ولا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا له كلام يقوم به ولا له حياة ولا علم ولا قدرة ولا غير ذلك ولا يشار إليه ولا يتعين ولا هو مباين للعالم ولا حال فيه ولا داخلة ولا خارجة إلى أمثال العبارات السلبية التي لا تنطبق إلا على المعدوم ثم قالوا في الإثبات هو وجود مطلق أو وجود مقيد