والطبيعة عرض قائم بجسم فمن جعل المحدث للإنسان في بطن أمه وما فيه من الأعضاء المختلفة وقواها ومنافعها هو الطبيعة كان قوله أظهر فسادا من تلك الأقوال التي فيها إضافة الحوادث إلى مجرد مشيئة القديم من غير إثبات سبب ولا حكمة أو إضافة الحوادث إلى قدرة القادر المختار سواء كان قديما أو حادثا فإن كلا من القولين خير من إضافة ذلك إلى طبيعة هي عرض بجسم من الأجسام ليس له إرادة ولا مشيئة مع أن الجنين المخلوق في الرحم أكمل من الرحم وقواها ثم فلاسفة هؤلاء إذا قالوا أن هذه الحوادث تحدث بسبب حركات الأفلاك وأن ذلك يعدها لقبول الفيض عليها من العقل الفعال كانوا محتاجين في جميع ما يقولونه إلى إقامة الدليل على أنه سبب وما يذكرونه من إثبات العقل الفعال كانوا محتاجين في جميع ما يقولونه الى اقامة الدليل على أنه سبب وما يذكرونه من اثبات العقل الفعال كلام باطل كما قد بسط في غير هذا الموضع وإنما يقوم الدليل على أن الحوادث تصدر عن حركات حي مختار وتلك هي الملائكة التي أخبرت بها الأنبياء وليست الملائكة هي العقول التي يثبتها هؤلاء فإن العقل الأول عند هؤلاء هو المبدع لكل ما سوى الله والعقل الفعال عندهم هو المبدع لكل ما تحت فلك القمر
وأهل الملل يعلمون بالاضطرار من دين الرسل أنه ليس عندهم أحد غير الله يخلق جميع المبدعات ولا أنهم أثبتوا ملكا من الملائكة أبدع كل ما تحت السماء بل الملائكة عندهم عباد لله ليس فيهم من هو مستقل بإحداث جميع الحوادث فضلا عن أن يكون مبدعا لكل ما سوى الله وسواه