للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال أن قوة أحد البشر أو عمله الصالح هو الذي أوجب بنفسه محبة الخلق وثناءهم ودعاءهم أو الثواب في الدار الآخرة بل هذا سبب لما يفعله الله بمشيئته وقدرته ما يخلقه في نفوس عباده الملائكة والجن والبشر مما يفعلونه باختيارهم وقدرتهم التي يخلقها الله فالدعاء سبب الإجابة والعمل سبب الإثابة قال الله تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} فأمرهم أن يستجيبوا له وأن يؤمنوا به أنه يجيب دعاءهم واستجابتهم له وطاعتهم لأمره وذلك سبب الإثابة كما أن الدعاء سبب الإجابة وأيضا فما حصل بعد موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل حفظ الله للكتاب الذي جاء به وإبقائه مئين من السنين مع كثرة الأمة وتفرقها في مشارق الأرض ومغاربها والكتاب بعد هذا محفوظ وكذلك الشريعة محفوظة فهذا أمر خارق خارج عن مقدوره ولم تبق شريعة مثل هذه المدة الطويلة إلا شريعة موسى وإلا فالملوك والفلاسفة لهم نواميس وضعوها لا تبقى إلا مدة يسيرة وأما البقاء مثل هذه المدد مع كون الكتاب محفوظا فليس هذا إلا للأنبياء

وأيضا فما جعله الله في القلوب قرنا بعد قرن من المحبة والتعظيم والعلم بعظيم منزلته وعلو درجته من غير مكره يكره القلوب على العلم والمعرفة ومع كمال عقول الناظرين في ذلك فإن كل من يعرف أحوال الأمم يعلم أن أمة محمد أكمل الأمم

<<  <  ج: ص:  >  >>