في أماكن الفترات التي تضعف فيها آثار النبوة إذا لم يكن هناك من يقوم بحقائقها وهؤلاء يكونون في الدول الجاهلية كدولة بني عبيد ودولة التتار ونحوهم ومن هؤلاء من يغفر الله له فإنه إذا اجتهد وسعه في الإيمان بالرسول ولم يبق له قدرة على أكثر مما حصل له من الإيمان به لم يكلف الله نفسا إلا وسعها وإن كان قوله بعد قيام الحجة عليه كفرا كالذي قال لأهله إذا انا مت فاسحقوني ثم اذروني في اليم فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين والحديث في الصحيحين من غير وجه فإن هذا جهل قدرة الله على إعادته ورجا أنه لا يعيده بجهل ما أخبر به من الإعادة ومع هذا لما كان مؤمنا بالله وأمره ونهيه ووعده ووعيده خائفا من عذابه وكان جهله بذلك جهلا لم تقم عليه الحجة التي توجب كفر مثله غفر الله له ومثل هذا كثير في المسلمين والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخبر بأخبار الأولين ليكون ذلك عبرة لهذه الأمة والمقصود هنا أن نبين أن ما أثبته هؤلاء في فضائل الأنبياء الثابتة فهو حق ولكن جهلهم وكفرهم فيما أنكروه وكذبوا به وما قالوه من الباطل من هذه الوجوه الثلاثة وغيرها فالوجهان الأولان الباطلان أبطلوا بهما كون الله هو الخالق بقدرته ومشيئته لمخلوقاته وأبطلوا ما خلقه من الملائكة والجن وغير ذلك مما لا يعرفونه وأبطلوا ما امتازت به الأنبياء على غيرهم وجعلوا الأنبياء من جنس العارفين المعرفة المشتركة بين المسلمين واليهود والنصارى والمجوس والصابئين