التصور التام أن الواحد البسيط الذي قدروه لا يوجد إلا في الذهن ولا يصدر عنه شيء فإن الواحد البسيط من كل وجه الذي لا صفة له ولا قدرة ولا فعل لا يعقل وجوده في الخارج ولا يعقل انه يوجد عنه شيء لا واحد ولا غير واحد ولا يوجد في العالم أثر إلا عن سببين لا عن واحد مع أن الواحد الموجود في العالم إذا قدر مقدر أثر عنه كالسخونة والبرودة فهو واحد له صفة وقدر وفعل يقوم به وأما الواحد الذي قدروه فإنما هو شيء يقدره الذهن كما يقدر وجود خالقين وتسلسل المؤثرات وكما يقدر رفع النقيضين مثل كونه لا موجودا ولا معدوما أو جمع النقيضين مثل كونه موجودا معدوما وكما يقدر عالم بلا علم وقادر بلا قدرة أو يقدر أن العلم هو العالم والقدرة هو القادر أو يقدر ترجيح أحد المتماثلين بلا مرجح أو يقدر حدوث الحوادث بلا محدث ووجود الممكنات التي تفتقر إلى واجب بلا واجب وأمثال ذلك مما يقدره الذهن مع أنه ممتنع ووجه ثالث أن الواحد البسيط الذي فرضوه إذا قدر وجوده في الخارج امتنع صدور المختلفات عنه بوسط أو غير وسط سواء قيل أن الصادر الأول عنه واحد له ثلاث جهات أو قيل غير ذلك فإن كل ما يقدرونه يستلزم صدور الأنواع المختلفة عن الواحد البسيط وإن شئت قلت صدور الكثرة عن الوحدة فالجمع بين صدور الكثرة عنه وكونه واحدا بسيطا لا يصدر عنه إلا واحد جمع بين المتناقضين