والثاني: أن دليلكم دليل التطبيق والموازاة مبناه على أن ما لا يتناها لا يكون بعضه أكثر من بعض.
قالوا: فإذا فرضنا الحوادث من الطوفان والحوادث من الهجرة وطبقنا بينهما فإن تساويا لزم أن يكون الزائد كالناقص وهو محال وإن تفاضلا لزم فيما لا يتناهى أن يكون بعضه أزيد من بعضه قالوا وهذا محال.
فقيل لهم: هذا ينقض عليكم بالحوادث في المستقبل فإن الحوادث المستقبلة من الطوفان أزيد منها في الهجرة ففرق بعضهم بأن ذاك وجد وهذا لم يوجد وهو فرق ضعيف كما ترى.
وأما قولهم: ما لا يتناهى لا يتفاضل فإنهم منعوهم ذلك وقالوا بل كلما دام الشيء كان بقاؤه أطول وإن كان لا أول له وكلما حدثت الحوادث كانت أكثر مما وجد وإن كان لا نهاية له كما أن العدد كلما ضعفته كان أزيد وإن كان لا نهاية له وإذا ضعفت الواحد والعشرة والألف تضعيفا دائما فآحاد الألف أكثر من آحاد العشرة وآحاد العشرة أكثر من آحاد الواحد فتضعيف الجميع لا يتناهى.
ومنهم من فرق بين الماضي والمستقبل.
فإنك إذا قلت لا أعطيتك درهما إلا أعطيتك آخر كان ممكنا وإذا قلت لا أعطيك درهما حتى أعطيك درهما كان غير ممكن.