للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصود أن يكون كل شيء من العالم لا يسبق الحوادث المعلوم حدوثها بل يكون معها أو بعدها فإذا كان كل شيء من العالم مستلزما للحوادث كفى ذلك فإن ذلك الجزء من العالم لو كان قديما لكان قديما بفعل قديم معين له وللحوادث معه فإن وجوده بدون وجود الحوادث ممتنع وفعل قديم للحوادث ممتنع ففعل قديم ملزومها ممتنع فقدم ملزومها ممتنع وهو المطلوب.

وإذا أخذت التلازم من الطرفين قلت فعل الحوادث بفعل قديم ممتنع وفعلها بدون ملازمها المقارن لها ممتنع فيلزم إذا فعلت أن تفعل مع ملزومها وذلك لا يكون إلا بفعل قديم وهو ممتنع.

وهذا بين كيفما قلبته فإنك إذا فرضت الملزوم يفعل بفعل قديم وفعلت هي أيضا بفعل قديم آخر لزم قدم الفعلين جميعا لامتناع انفكاك أحدهما عن الآخر فإنه كما تلازم المفعولان تلازم الفعلان وإذا كان أحد المتلازمين يمتنع قدمه فالآخر أيضا يمتنع قدمه لأنه لو لم يمتنع قدمه للزم إما وجودهما وهو ممتنع أو وجود أحد المتلازمين دون الآخر وهو ممتنع.

فقد تبين أن مع القول بجواز حوادث لا أول لها بل مع القول بوجوب ذلك يمتنع قدم العالم أو شيء من العالم وظهر الفرق بين دوام الواجب بنفسه القديم الذي لا يحتاج إلى شيء وبين دوام فعله أو مفعوله وقدم ذلك فإن الأول سبحانه هو قديم بنفسه واجب غني وأما فعله فهو شيء بعد شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>