وأيضا فإذا كانت مخلوقة فلا بد أن تخلق في محل ومحلها مخلوق قبلها وظاهر القرآن يخالف.
ذلك ولهذا زعم أبو الهذيل العلاف أنها مخلوقة لا في محل وأما ما يقوم بالرب تعالى من صفاته وأفعاله فليس مخلوقاته على طريقة الجمهور الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق سواء قالوا إن عين الخلق قديم أو قالوا إنه حادث العين أو قالوا إنه حادث الأعيان وإن قدم نوعه.
وهذان القائلان يجعلان خلقه متعلقا بمشيئته وقدرته فإن هؤلاء كلهم خلقه عندهم وما يقوم بذاته من أفعاله ليس مخلوقا سواء قالوا إنه متعلق بمشيئته وقدرته أو قالوا إنه لا يتعلق بمشيئته وقدرته فإنه كما أن قوله:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}(سورة الزمر ٦٢) لم يدخل فيه الخالق نفسه فلم يدخل فيه ما هو داخل على مسمى الخالق وهو ما قام به من صفاته وأفعاله.
والمحتجون بهذه الآية على أن القرآن غير مخلوق لهم قولان والنزاع في ذلك في جميع الطوائف بين أصحاب أحمد وبين أصحاب الشافعي وبين أصحاب مالك وغيرهم فالذين يقولون إن كن المعينة قديمة إما بلفظها ومعناها كما يقوله الاقترانية وإما بمعناها دون لفظها كما يقوله الاتحادية فإنهم ألزموهم أن الله تعالى قال:{أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ} وأن تخلص الفعل المضارع للاستقبال وأنه قال فيكون وهذا يقتضي أن يكون عقب قوله: "كن".
وأما الذين يقولون إنه يقول كن بقدرته ومشيئته ويقول: كن