للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفطرة تنكر تساوي القدرتين مع اختصاص أحدهما بالإرادة أعظم مما تنكر تأخر الأثر عن المؤثر فكيف إذا قيل إن القدرة والإرادة في حال وجود الفعل كحالها قبل وجود الفعل وأن الفعل حدث بلا تجدد شيء أصلا؟!

فإن هذا مما يعلم بالفطرة إنكاره ويعلم أنه لا بد حين وجود الفعل من حصول تمام المؤثر الذي به يصير الفاعل مريدا إرادة جازمة وقادرا قدرة تامة فإنه مع القدرة التامة والإرادة الجازمة يجب وجود المقدور والمراد.

ولا ريب أن الله على كل شيء قدير كما نطق به القرآن في غير موضع فإن قدرته من لوازم ذاته والمصحح لها الإمكان فلا اختصاص لها بممكن دون ممكن لكن الممتنع لذاته ليس شيئا باتفاق العقلاء فلا يعقل وجوده في الخارج فإنه لا يعقل في الخارج كون الشيء موجودا معدوما أو متحركا ساكنا أو كون أجزاء الحركة المتعاقبة مقترنة في آن آن واحد أو كون اليوم موجودا مع أمس وغدا وأمثال ذلك.

وحينئذ فمثل هذا لا يدخل في عموم الكتاب وأما الممتنع لغيره وهو ما علم الله أنه لا يكون وأخبر أنه لا يكون وكتب أنه لا يكون فهذا لا يكون لعدم إرادته وأنه لا يكون فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فهذا لو شاء لفعله كما أخبر القرآن في غير موضع أنه لو شاء الله لآتى كل نفس هداها ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة وأمثال ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>