أحدها: أن يقال فالنفس عند هؤلاء لا تكون إلا مقارنة للجسم فإنها متعلقة به تعلق التدبير وهم متنازعون هل هي جوهر أو عرض وحينئذ فوجود نفوس دون أجسام ممتنع فبطل أصل هذا الجواب.
الثاني: أن يقال دليل المعتزلة ومن وافقهم على حدوث الأجسام إنما هو لامتناع حوادث لا أول لها وهذا بعينه يقتضي حدوث النفس فإنه تقوم بها الحوادث فإذا امتنع أن تقوم بها الحوادث التي لا تتناهى لزم حدوثها فطريقة المعتزلة ومن وافقهم في حدوث الأجسام إن كانت صحيحة لزم حدوث النفوس مثل هذه الطريقة وإن كان باطلة بطل التفريق بين النفوس والأجسام فلزم على التقديرين أن يكون قول هؤلاء بحدوث الأجسام دون النفوس قولا باطلا.
الجواب الثالث: أن يقال دليل حدوث الأجسام الذي هو امتناع حوادث لا أول لها يوجب حدوث النفوس كما تقدم وأما العقول فبتقدير ثبوتها كما يدعيها هؤلاء المتفلسفة فهي قديمة لازمة لذات الله وهو تعالى موجب بذاته لها في الأزل إيجابا قديما دائما فقدم العقول مستلزم لكونه موجبا بذاته لشيء معين دائما وكونه محدثا للأجسام أو للأجسام والنفوس بعد أن لم تكن ينافي كونه موجبا بذاته في الأزل فإن الذي يفعل بعد أن لم يكن يفعل لا يكون إن قدر وجوده إلا فاعلا بالاختيار فصار هذا القول مستلزما لكونه موجبا