للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليست هذه الحجة مبنية على امتناع التسلسل في الآثار كما يظنه من يظنه فإن المحتجين بها لا يمنعون التسلسل في الآثار وإنما يمنعون ما يمنعه سائر العقلاء من التسلسل في المؤثرات ومن التسلسل فيما به أصل التأثير وقد يشتبه تمام التأثير في الشيء المعين وتمام التأثير في جنس التأثير وحجتهم مبنية على امتناع التأثير في الأزل فإنها مبنية على أنه لا يحدث شي إلا بحدوث تمام تأثيره فلو كان لجنس الحوادث ابتداء لزم أن يكون لذلك الحدوث تمام حادث ولذلك التمام تمام حادث وهلم جرا.

وتحرير هذا الجواب أن يقال: التسلسل نوعان:

أحدهما: التسلسل في المؤثرات وهذا مما اتفق العقلاء على امتناعه وامتناعه معلوم بصريح العقل بل مجرد تصوره التام يكفي في العلم بفساده وأما التسلسل في الآثار بأن يكون الفاعل يفعل شيئا بعد شيء دائما فهذا متنازع فيه هل هو ممتنع أزلا وأبدا أو جائز أزلا وأبدا أو ممتنع أزلا وجائز أبدا؟ على ثلاثة أقوال معروفة للناس.

والتسلسل في الآثار قد يقتضي التسلسل في تمام التأثيرات المعينة لا التسلسل في أصول التأثير فإنه إذا كان صدور المؤثر التام موقوفا على صدور الأول كان تمام التأثير فإنه إذا كان صدور المؤثر التام موقوفا على صدور الأول كان تمام التأثير في الأمر الثاني موقوفا على صدور الأثر الأول كالمتحركات كلها من الشمس والقمر وغيرهما فإن الجزء الثاني من الحركة موقوف على صدور الجزء الأول منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>