اللَّهِ} (سورة الحديد ٢٧) ولهذا قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}(سورة الملك ٢) قال: "أخلصه وأصوبه قالوا يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل وإذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة".
فإذا كانت النصارى على هذه الحال فكيف بهؤلاء الذين هم أضل منهم فإن ما عند هؤلاء من الحكمة هو جزء مما عند النصارى فإن السياسة الخلقية والمنزلية والمدنية داخلة في دين النصارى الذين ابتدعوا بعضه ولم ينزل الله به وكسر الشهوة والغضب جزء من عبادة الرهبان وكذلك الزهد في المال والرئاسة جزء من حال الراهب الناقص الكافر فكيف يكون هذا هو مقصود العبادة والزهد الذي جاءت به الشريعة؟
وهؤلاء رأوا أن النفس لها قوتان قوة علمية وقوة عملية والقوة العلمية نوعان قوة الحب والبغض والشهوة من الحب والغضب من البغض فبالشهوة تجلب المنفعة والغضب لدفع المضرة وصلاح الجميع بالعدل فجعلوا الحكة العملية في هذه الأربع في العلم والعدل والعفة والشجاعة أو الحلم فالعفة اعتدال قوة الشهوة والحلم أو الشجاعة اعتدال قوة الغضب.
وهذا الذي ذكره جزء من العمل الذي أمرت به الرسل وما ذكروه مع هذا أمر مجمل فإن العلم له أنواع كثيرة والشهوة