فيقال: هذه أمور معينة لا كلية فإذا كانت النفس تبقى ببقاء معلومها فالمعلوم الباقي الأزلي الأبدي الذي لا ريب في بقائه وقدمه وهو رب العالمين فالسعادة والكمال في معرفته وعبادته وهذا هو العلم الأعلى الذي هو علم بالرب الأعلى ليس العلم هو العلم بوجود مطلق وأقسامه كما قوله هؤلاء ومن تبعهم حتى أدخل ذلك في أصول الفقه الرازي ونحوه ويحيلون بالبرهان على العلم الأعلى الناظر في الوجود ولواحقه.
وقد بسطنا الكلام في غير هذا الموضع على كلامهم في الحد والبرهان وبينا ما عليه نظار المسلمين في الحد وأن المقصود به التمييز للمحدود من غيره فمقصوده تفصيل ما دل عليه الاسم بالإجمال سواء كان حد الشيء اسم وهو الحد بحسب الاسم أو لشيء موجود وهو الحد بحسب الحقيقة وهذا الحد يحصل بالعرف المطابق للمحدود في العموم والخصوص بحيث يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر ومن عدمه عدمه فيكون الحد مطردا منعكسا كالاسم مع المسمى.
وأما ما يدعونه هم من أن الحد يحصل به معرفة حقيقة المحدود في الخارج وأنه يكون بالصفات الذاتية الداخلة في الحدود المركبة من الجنس والفصل فهذا مما تكلم نظار المسلمين على خطئهم فيه من وجوه كما بيناه في موضعه وبينا أن قولهم إن الإنسان مركب من الجنس والفصل إن أريد به تركيب ما في الذهن فهذا صحيح فإن الإنسان إذا تصور في نفسه حيوانا ناطقا كان ما تصوره مركبا من هذا وهذا وإن