وإذا كان كذلك فلاسفة اليونان وفلاسفة العرب والفرس والهند وسائر الأمم الذين لا كتاب لهم ليسوا في الأمور الإلهية بمنزلة علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى بل هؤلاء أعلم منهم بالأمور الإلهية ثم هؤلاء كلهم إذا جاءهم رسول وكذبوه فهم كفار وإن كانوا على شريعة رسول يعملون بها بلا تبديل فهم مؤمنون مسلمون من أهل الجنة وإن لم يكونوا على شريعة ولا جاءهم رسول فهم من أهل الجاهلية كأمثالهم من أهل الفترات وقد بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع.
والفلاسفة الذين بلغتهم دعوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعضهم من المتظاهرين بالإسلام وبعضهم من اليهود وبعضهم من النصارى وكل من خالف ما جاءت به الرسل فهو ضال من أي الطوائف كان فإن الله بعثهم بالحق والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل وقد بسط هذا في الكتاب المصنف في درء تعارض العقل والنقل.
والفلاسفة المتظاهرون بالإسلام يقولون إنهم متبعون للرسول لكن إذا كشف حقيقة ما يقولونه في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر تبين لمن يعرف ما جاء به الرسول وما يقولونه في نفس الأمر أن قولهم ليس هو قول المؤمنين بالله ورسوله والمسلمين بل فيه من أقوال الكفار والمنافقين شيء كثير.
وفرق أهل الكلام مع بدعهم وضلالهم أقرب إلى الرسول وإلى دين الإسلام خارجيهم وشيعيهم ومعتزليهم وكراميهم لكن غالب