لكن اسم الإله لما كان موجودا في القرآن وذكره المعربون لكتب أولئك وبينوا معناه في لغة أولئك صار بسبب الاشتراك في اللغتين في إطلاقه تلبيس على من لم يعرف مراد القرآن العزيز باسم الإله ومراد القوم باسم الإله وبين المرادين بون عظيم.
ثم لما كان مقصود القوم التشبه به فهم في الحقيقة لا يعبدونه ولا يستعينونه فهم خارجون عن دين المرسلين القائلين إياك نعبد وإياك نستعين فإن التشبه بغيره مقصوده أن يكون مثله بحسب قدرته فلو قدر أن يكون مثله من كل وجه لفعل ذلك لكن يفعل ما يقدر عليه وليس مراده محبة نفس ذلك المتشبه به ولا الذل له بل مماثلته كما يقوم التلميذ مقام أستاذه والابن مقام أبيه.
وهذا لا يستلزم حب المتشبه ولا بغضه بل كثيرا ما يكون مع البغض الحسد والمنافسة كما قد يكون مع عدم ذلك والغالب انه مع وجود الإثنين لا بد من المنافسة والمنادة وهذا هو الند والكمال عند القوم أن يجعل أحدهم نفسه لله ند.
ثم من العجب أن القوم يدعون التوحيد ويبالغون في نفي التشبيه حتى نفوا الصفات وشنعوا على أهل الكتاب لما جاء من الصفات في التوراة وغيرها وأنكروا قوله في التوراة إنا سنخلق بشرا على صورتنا يشبهنا وهو يدعون أن أحدهم يجعل نفسه شبيها لله فإن كان هذا اللفظ يحتمل معنى صحيحا عندهم لإمكان المشابهة من وجه دون وجه فالله أقدر على أن يفعل ذلك من الواحد منهم وإن كان هذا ممتنعا