وهؤلاء يقولون أن الواجب بذاته بسيط ليس له صفة ثبوتية ولا فعل قائم به ويقولون أنه علة تامة مستلزمة لمعلولها فكان لازم قولهم أنه لا يصدر عنه إلا واحد بسيط قديم وكذلك عن الصادر عنه فلما تيقن وجود الكثرة المختلفة الحادثة كان هذا مناقضا لقولهم وفضلاؤهم معترفون بهذا كما بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع وهذا الكلام يدل على أمور تدل على امتناع حدوث الحوادث عن علة تامة فإن قولهم بحدوثها عن علة تامة قول باطل كيفما كان ويدل على أن محدث الحوادث لا يكون إلا فاعلا تقوم به الأفعال وكما أنه يدل على إبطال حجتهم على القدم فيدل أيضا على حدوث العالم من وجه آخر وذلك أن يقال العالم كله بما فيه من الأجسام والأعراض والعقول والنفوس إن قدر أنها خارجة عن الأجسام والأعراض بل كل ما سوى الله تعالى إما أن يكون خاليا عن الحوادث المتعاقبة كالجسم الساكن وإما أن يكون متضمنا لها كالجسم المتحرك وكل من الأمرين يمتنع قدمه لانه لو كان شيء من العالم قديما لكان صادرا عن موجب بالذات وعلة تامة أزلية باتفاق العقلاء وهو معلوم بالدليل العقلي فإنه إذا كان قديما فإن كان فاعله فاعلا بغير قدرة ومشيئته فهو موجب بذاته وإن كان فاعلا بقدرته ومشيئته فإن كان الفاعل بالقدرة والاختيار لا يقارنه شيء من مفعولاته امتنع أن يكون مفعوله مقارنا