فإقامة المفضول جائزة، وهي هدى وصواب، غير أن إقامة الفاضل على كل حال أفضل وأصوب وأصلح.
وقال قوم من المعتزلة، منهم عمرو بن بحر الجاحظ، وأكثر الشيعة، وأكثر المرجية: إن الإمامة لا يستحقها إلا الفاضل على كل حال، ولا يجوز أن تصرف إلى المفضول ما وجد الفاضل.
ثم اختلفوا فيها: فيمن تكون من الناس؟ فقال بعض المعتزلة، وبعض المرجية، وجميع الخوارج، وقوم من سائر الفرق: إن الإمامة جائزة في جميع الناس، لا يختص بها قوم دون قوم، وإنما تستحق بالفضل والطلب، وإجماع كلمة أهل الشورى.
وقال إبراهيم بن سيار النظام، مولى بلحارث بن عباد من بني قيس بن ثعلبة، وهو أحد فرسان المتكلمين، ومن قال بقوله من المعتزلة وغيرهم: الإمامة لأكرم الخلق وخيرهم عند الله، واحتجوا بقوله تعالى:(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا الآية) . قال: فنادى جميع خلقه الأحمر منهم والأسود، والعربي والعجمي، ولم يخص أحداً منهم دون أحد، فقال:(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، فمن كان أتقى الناس لله، وأكرمهم عند الله، وأعلم بالله، وعملهم بطاعته، كان أولاهم بالأمامة، والقيام في خلقه، كائناً من كان منهم، عربياً كان أو عجمياً.
قال مصنف الكتاب: وهذا المذهب الذي ذهب إليه النظام، هو أقرب