للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما ذكر الجاحظ والنظام: أن دين الناس بالتقليد، لا بالنظر والبحث والاستدلال، وقد ذم الله تعالى في كتابه المقلدين فقال: (إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا على آثارهم مقتدون) الأمة ههنا: الدين.

وقالت العلماء: المقلد مخطئ في التقليد، ولو أصاب الحق، لأن من اعتقد الحق بغير حجة ولا دليل، مثل من اعتقد الباطل بغير حجة ولا دليل، وإذا دخل في الحق بالتقليد، خرج منه بالتقليد، قال الشاعر في ذم التقليد:

ما الفرق بين مقلدٍ في دينه ... راضٍ بقائده الجهول الحائر

وبهيمة عمياء قاد زمامها ... أعمى على عوج الطريق الجائر

وفي كل أهل مذهب ثقة يسندون إليه، وعالم يعتمدون عليه، وكلهم يحتج بقول الله تعالى، ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كثر التدليس في الكتب، والزيادة في الأخبار، والتأويل لكتاب الله عز وجل، على قدر الأهواء والمذاهب والآراء.

فيجب على العاقل التيقظ والتحرز والتحفظ من التقليد، الذي هلك به الأولون والآخرون، وجار عن قصد السبيل الحائرون، أعاذنا الله من إتباع الأهواء في الدين، وانقياد الأتباع والمقلدين.

وقوله في الرسالة: فمن شبق منهم وانعظ، فقد كفر وما اتعظ.

والشبق: شهوة النكاح، وهو مصدر شبق يشبق شبقاً، قال رؤبة بن العجاج:

لا يترك الغيرة من عهد الشبق

ويقال انعظ الرجل: إذا تحرك عضوه.

<<  <   >  >>