للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما بعد، فقد بلغ السيل الزبي، وجاوز الحزام الطبيين، وتمثل بقول الممزق العبدي، واسمه شاس بن مهازن:

فأن كنت مأكولاً فكن خير آكل ... وإلا فأدركني ولما أمزق

فأمده بالحسن والحسين في جماعة من بني هاشم، فدفعوا الناس عن باب دار عثمان، ففرضوا الدار ودخلوا عليه من خلفها فقتلوه، ولا علم للذين بالباب.

وخفي حنين يضرب بهما المثل لمن جاء خائباً، وحنين إسكاف من أهل الحيرة، ساومه أعرابي في خفين، فاختلفا حتى أغضبه الأعرابي، فتركه حنين حتى ارتحلن وتقدم له في طريقه، وألقى أحد الخفين في موضع وأحدهما في موضع آخر، فلما مر الأعرابي بالخف الأول منهما، قال: ما أشبه هذا الخف بخفي حنين، ولو كان معه الآخر لأخذته، ومضى حتى انتهى إلى الآخر، فلما رآه ندم على عدم أخذ الأول، فأناخ راحلته وأخذه، ورجع للأول فأخذه، وقد كمن له حنين، فأخذ الراحلة وما عليها، فأتى الأعرابي إلى الراحلة، فلم يجدها، فراح الأعرابي وليس معه غير الخفين؛ فقال له قومه: ما الذي أتيت به؟ فقال: بخفي حنين، فضربت العرب المثل بذلك لكل من جاء خائباً.

والكمه: العمى، والأكمه الأعمى، ومنه قوله تعالى: (وتبرئ الأكمه والأبرص) ، قال سويد بن أبي كاهل اليشكري:

كمهت عيناه لما ابيضتا ... فهو يلحي نفسه لما نزع

والكسعي: صائد وقف على طريق الظباء فمرت عليه وهو يرمي كل ظبي منها بسهم، فلم تتحير الظباء حتى توارت عنه، فظن أنه أخطأها، فكسر قوسه، وعض على إبهامه فقطعها وقال:

<<  <   >  >>