وكذلك قوله:" خلق آدم بيده " بمعنى بقدرته فأما قوله: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فلا يمتنع أن نقول فيه ما قلناه هاهنا.
فإن قيل: يحمل ذَلِكَ عَلَى معنى إظهار فعل هو الخلق والإختراع والإحداث كما قَالَ تَعَالَى: {لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ} وكما قَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} وليس ذَلِكَ طمسا وختما عَلَى معالجة.
قيل: هَذَا يسقط فائدة التخصيص بآدم لأن إظهار الفعل موجود عند خلق غير آدم من سائر البشر، ولأن لذلك اسما أخص به من القبض وهو الخلق والإختراع والأحداث، ولأن هَذَا يوجب أن يكون قوله:{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} عَلَى معنى إظهار فعل، وكذلك يوجب تأويل قوله:" ترون ربكم " عَلَى رؤية أفعال يظهرها، وقد أجمعنا ومثبتوا الصفات عَلَى خلاف ذَلِكَ.
وأما قوله:{لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ}{نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} فإنما لم يضف ذَلِكَ إلى الصفة التي هي اليد لأنه لبس فِي الآية ما دل عَلَى ذَلِكَ وفي القبضة ما دل عليه من الوجه الذي ذكرنا وهو أنه مخلوق باليد من القبضة فدل عَلَى أنها قبضة باليد.
فإن قيل: تحمل القبضة عَلَى أنها لبعض الملائكة بأمر الله، كما يقال: ضرب الأمير اللص، وإنما أمر بضربه.
قيل: هَذَا غلط، لأن الخبر يقتضي أن آدم مخلوق من القبضة، وقد ثبت أن الخالق لآدم هو الله سُبْحَانَهُ، فوجب أن يكون هو القابض لا غيره، ولأنه إن جاز تأويله عَلَى هَذَا جاز تأويل قوله:{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} معناه بيدي بعض الملائكة