وإنما حمل القدم هناك عَلَى السابق من الرسول والثواب، لأن فِي ظاهر اللفظ ما دل عليه، وهو قول سُبْحَانَهُ:{قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ} وإنما قَالُوا ذَلِكَ فِي الرسول، وكذلك قوله تَعَالَى:{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} إنما يبشرون بما سبق لهم من الأعمال، فهناك ما دل عَلَى أن المراد بالقدم السابقة وليس فِي الخبر ما يدل عَلَى ذَلِكَ، بل فيه ما يدل عَلَى خلاف ذَلِكَ من الوجه الذي ذكرنا.
فإن قيل: فقد روي بكسر القاف: قدمه، وإذا كان كذلك كان معناه ما ذكرنا من التقدم من المشركين.
قيل: هَذَا غلط لأنه لا يحفظ عن أحد من أصحاب الحديث أنه رواه بالكسر، فلا يجوز دعوى ذَلِكَ، والذي يدل عَلَى بطلانه ما ذكرنا.
فإن قيل: المراد بالقدم هاهنا: خلق من خلق الله تَعَالَى يخلقه الله تَعَالَى يوم القيامة، فيسميه: قدما، ويضعه الله من طريق الفعل والملك يضعه فِي النار فتمتلئ منه.
وقيل المراد: قدم بعض خلقه فأضاف ذَلِكَ إليه كما يقال: ضرب الأمير اللص، فيضاف إليه عَلَى معنى أنه يأمره.
قيل: هَذَا غلط لما تقدم من الوجهين أحدهما: أن هاء الكناية ترجع إلى المذكور المتقدم، والذي تقدم ذكره هو الله سُبْحَانَهُ.
والثاني: أنه يسقط فائدة التخصيص بالنار، لأنه قد ينشئ خلقا يوم القيامة فيدخلهم الجنة فتخصيص النار بذلك لا معنى له.
فإن قيل: قوله: " فيضع الجبار " جنس الجبابرة وهم الكفرة المعاندون.
وقيل: المراد به إبليس وشيعته لأنه أول من استكبر، فقال تَعَالَى:{إِلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}