فإن قيل: مجاهد وابن سيرين ليسا بحجة ولا ممن يثبت بقولهما صفات لله تَعَالَى.
قيل: إثبات الصفات لا تؤخذ إلا توقيفا لأنه لا مجال للعقل والقياس فيه، فإذا روي عن بعض السلف فيه قولا، علم أنه قاله توقيفا.
فإن قيل: قوله: " كن أمامي وخلفي " معناه حاسب نفسك قبل أن أسائلك فيقول داود: أخاف أن تدحضني خطيئتي إن حاسبت نفسي، فيقول له: خذ بقدمي أي بما قدمت لك من العفو والغفران، ودع ما أسأت إلي ولا تأخذ به، ومنه قوله تَعَالَى:{تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي لا تسبقوا قبل حكم الله عليكم فِي الشيء ولم يرد به التقدم فِي الأمكنة، وكذلك قوله:{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} الأمام يطلق عَلَى محاسبته فلا يصح لأن الله سُبْحَانَهُ قد أَخْبَرَنَا بالقرآن بقوله: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} والمحاسبة لا تكوون مع الغفران، وإذا امتنع حمله عَلَى المحاسبة امتنع حمل القدم عَلَى المغفرة، وأما قوله:{لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ} وقوله: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} فقد نقل عن السلف ما وجب الرجوع إليه، أما قوله:{لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} فإنها نزلت عَلَى سبب، وذلك أنهم قتلوا رجلين بغير أمر النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنزلت الآية، فكان معناها لا تقدموا حدا ضربه الله عَلَى فريضة ولا تتقدموا عَلَى حد ضربه رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سنته.
وأما قوله:{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} أي: لا تكذبه الكتب التي قبله من التوراة والإنجيل والزبور، ولا ينزل كتاب من بعده يكذبه، فوجب الرجوع