قيل: هَذَا غلط لأنه ذكر الذراعين والصدر بالألف واللام، والألف واللام يدخلان للعهد أو للجنس وليس يمكن حمله عَلَى الجنس لأنه يقتضي كل ذراع وكل صدر، وليس هاهنا معهود من الخلق يشار إليه فلم يبق إلا أن يحمل عليه سُبْحَانَهُ، لأنه أعرف المعارف، يبين صحة هَذَا أنه لما أراد تخصيص بعض الملائكة بفضيلة أو حكم عرفه باسمه نحو قوله تَعَالَى:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} وقوله تَعَالَى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} ونحو ذَلِكَ، ولأن حمله عَلَى بعض خلقه يسقط فائدة التخصيص بالملائكة فلما خص الملائكة بالذكر، علم أنه قصد تشريفهم وإذا حمل عَلَى بعض خلقه لم يكن لهم مزية.
وأما الفصل الثاني: وهو خلق الملائكة من نوره فليس عَلَى ظاهره، ومعناه خلقها بنوره تشريفا لهم كما خلق آدم بيده تشريفا له عَلَى غيره من خلقه، وإنما لم يجز حمله عَلَى ظاهره، لأن ذَلِكَ يحيل صفاته ويخرجها عما تستحقه، لأن نور ذاته قديم والقديم لا يتبعض فيكون بعضه مخلوقا كسائر صفاته، وهذا ظاهر كلام أَحْمَد، وذلك أنه قَالَ فِي قوله تَعَالَى: وَرُوحٌ مِنْهُ سورة النساء آية يَقُول: من أمره، وتفسيره " روح الله " أنها روح الله خلقها كما يقال: سماء الله وأرض الله، فلم يحمل الكلام عَلَى ظاهره فِي الروح بل تأوله لأن فِي حمله عَلَى ظاهره ما يحيل صفاته كذلك هاهنا