فإن قِيلَ: يحتمل أَنْ يَكُونَ المراد بالأصابع الملك والقدرة، ويكون فائدته أن قلوبهم فِي قبضته جارية عَلَى قدرته، وَذَكَرَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا عَلَى طريق المثل، كَمَا يقال: مَا فلان إِلا فِي يدي وخنصري ويريد بذلك أَنَّهُ عَلَيْهِ مسلط، وأنه لا يتعذر عَلَيْهِ مَا يريده مِنْهُ، ويحتمل أن الأصبعين ها هنا بمعنى النعمتين، وقد تقول العرب: لفلان عَلَى فلان أصبع حسن، إِذَا أنعم عَلَيْهِ نعمة حسنة وَمِنْهُ قول الشاعر:
ضعيف العصا بادي العروق ترى لَهُ … عَلَيْهِ إِذَا مَا أجدب الناس إصبعا
أي: إِذَا مَا وقع الناس فِي الجدب والقحط لَهُ عَلَيْهِ أثر حسن، ويحتمل أَنْ يَكُونَ معناه بين أثرين من آثار اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وفعلين من أفعاله.
قيل: هَذَا غلط لوجوه:
أحدها: أن حمله عَلَى الملك والقدرة والنعم والآثار، يسقط فائدة التخصيص بالقلب، لأَنَّ جميع الأشياء هَذَا حكمها، وأنها فِي ملكه وبنعمه وبآثاره.
الثاني: أن فِي الخبر مَا يسقط هَذَا، وَهُوَ قوله:" بين السبابة والتي تليها وأشار
بيده هكذا وهكذا " وَهَذَا يمنع من صحة التأويل.
الثالث: أَنَّهُ لو كان المراد به النعمتين، لكان القلب محفوظا بها ولم يحتج إِلَى الدعاء، ولما دعا بالتثبيت، لَمْ يصح حمله عَلَى النعمتين، وَهَذَا الثالث جواب ابن