للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قيل: هَذَا غلط، لأَنَّهُ يوجب حمل قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} معناه بالقدرة.

فإن قِيلَ: إنما لَمْ نحمل اليد عَلَى القدرة لأَنَّ فِي ذلك إبطال فضيلة آدم عَلَى إبليس، لأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} على طريق التفضيل، وليس فِي حمل هَذَا الخبر عَلَى القدرة إبطال فائدة.

قيل: مَا كان يمتنع أن تحملون اليد عَلَى القدرة، وإن أفضى إِلَى إبطال فضيلة آدم كَمَا حملتم قوله: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} معناه: لذاتي، وتأولتم النفس ها هنا عَلَى الذات، وإن أفضى ذلك إِلَى إبطال فائدة تخصيص مُوسَى بذلك، لأَنَّ جميع الأنبياء اصطنعهم لذاته، ولما لَمْ يجز تأويل اليد عَلَى القدرة كذلك ها هنا.

وجواب آخر: هُوَ أَنَّهُ لو استحال إضافة اليد إِلَيْهِ، لَمْ يجز إضافتها إِلَيْهِ، وإن أفضى إِلَى إبطال فضيلة آدم، أَلا ترى إِلَى قوله تَعَالَى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} لما لَمْ يجز حمل ذلك عَلَى الذات، حمل عَلَى الأمر وإن أفضى إِلَى إسقاط تخصيص عِيسَى، لأَنَّ غير عِيسَى مخلوق بالأمر، فعلم أن إضافة اليد إِلَيْهِ لا للمعنى الَّذِي ذكروه وإنما ذلك لورود الشرع به، وَهَذَا المعنى موجود فِي غيره.

وأما قوله: " وموساه أحد من موساك " فقد قِيلَ فِيهِ: إن هَذَا خرج عَلَى طريق التمثيل، لأَنَّ الموسى لما كان آلة للقطع، وكان المراد بالخبر أن قطعه أسرع من قطعك، عبر عَن القطع بالموسى اعتبارا بعادة العرب، وأنها تسمي الشيء باسم مَا يجاوره ويقاربه.

ولا بأس بذلك لأَنَّ اللَّه تَعَالَى يجوز فِي صفته ضرب المثل، قَالَ تَعَالَى: {ضَرَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>