للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دخل فلان عَلَى رأي فلان، ويقال: دخل علي فلان فِي منزلي، لا أَنَّهُ دخل عَلَى بدنه، وإنما المعنى دخل داره.

قيل: هَذَا غلط، لأَنَّهُ قصد بذلك الافتخار وقرب المنزلة، فإذا حملناه عَلَى دخول الجنة بطل ذلك المعنى، لأَنَّهُ يشركه فِيهِ غيره من الأنبياء والأولياء، وقول الناس أتيناك فقد فهم المقصود مِنْهُ، وَهُوَ أنهم أتوه راغبين فِي ثوابه.

فإن قِيلَ: قوله " شابا " يحتمل أَنْ يَكُونَ رأى فيها شابا من أوليائه عَلَى هَذِهِ الصفة، دون أَنْ يَكُونَ المذكور هُوَ اللَّه تَعَالَى، ويحتمل أن تكون الصفة راجعة إِلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكأنه قَالَ: وأنا شاب جعد.

قيل: هَذَا غلط، أما حمله عَلَى أَنَّهُ رأى فيها شابا فلا يصح، لأَنَّ هَذَا صفة وحال، والصفة والحال يرجع إِلَى مَا تقدم ذكره وَهُوَ اللَّه تَعَالَى، فأما بعض أوليائه فلم يتقدم ذكره، فلا يجوز حمله عَلَيْهِ.

وقولهم: إن الصفة راجعة إِلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا يصح أَيْضًا، لأَنَّهُ لَمْ تكن هَذِهِ صفته فِي تلك الليلة، ولو تغيرت صفته فيها لنقل كَمَا نقل وضع اليد بين كتفيه، وقوله: " فيم يختصم الملأ الأعلى " وقد تكلمنا عَلَى هَذَا السؤال فِي أول الكتاب فِي قوله: " رأيت ربي ".

فإن قِيلَ: هَذَا الخبر كان رؤيا منام، والشيء يرى فِي المنام عَلَى خلاف مَا يكون.

قيل: هَذَا غلط، لأَنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما قصد بذلك بيان كرامته من ربه وقرب منزلته، فإذا حمل عَلَى خلاف مَا أخبر زال المقصود، ولأن مَا يخبر به شرع، وصفات اللَّه تَعَالَى اعتقادها شرع، فهو معصوم فِيهِ، وإذا كان معصوما استوى فِيهِ المنام وغيره، ولأنا قد بينا أن رؤيا الأنبياء وحي لأَنَّ أعينهم تنام وقلوبهم لا تنام

<<  <  ج: ص:  >  >>