ومنها دليل آخر قوله:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} يعني مرة أخرى {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} والمراد به نبينا فأخبر أن رؤيته كانت عند سدرة المنتهى وهي فِي السماء السادسة.
فإن قيل: المراد به رؤية جبريل لربه، قيل: لا يصح لوجهين: أحدهما: أنه قد تقدم ذكرهما وأقرب المذكور النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه قَالَ تَعَالَى:{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} والمراد به النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأن الوحي كان إليه، ثم قَالَ بعده:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}.
والثاني قوله:{أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} والمماراة إنما كانت بين قريش وبين النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم تكن بينها وبين جبريل فإن قيل: يحتمل أن يكون جبريل عند السدرة والنبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الأرض خرقت له الحجب قيل: لو كان كذلك لنقل ذَلِكَ لأنه من أعظم المعجزات
٨٨ - الدليل الثاني: أن فِي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ فيما خرجه أَبُو عبد الله بن بطة، قَالَ: لما رجع النبي ليلة أسري به بلغ ذا طوى فشدد بنو عبد المطلب يلتمسونه، قَالَ: فصرخ به العباس فأجابه، قَالَ: لبيك، قَالَ: أين كنت ابن أخي الليلة؟ قَالَ: أتيت بيت المقدس، فقال رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يا جبريل إن قومي لا يصدقوني "، قَالَ: يصدقك أَبُو بكر الصديق وهذا صريح فِي نقل جسمه من موضعه