فأراد الملك رحمه الله أن يوليه الإمامة في المسجد النبوي ولكنه اشترط أن يؤدي الصلاة على نحو عشر تسبيحات في الركوع والسجود فاعتبر ذلك تطويلا فعين مراقبا للدروس في الحرم النبوي وعين زميله الشيخ عبد الرزاق حمزة إماما ولكن الشيخ عبد الرزاق كان ينيبه عنه في بعض الصلوات خاصة في صلاة الصبح.
ومكث سنتين بالمدينة المنورة ثم وقع نزاع بينه وبين أمير المدينة آنذاك فسافر إلى مكة مدرسا في المعهد السعودي وهو معهد ثانوي ديني وقد سمعت من فضيلته أن سبب هذا النزاع هو الاختلاف في أسلوب الدعوة وتغيير المنكر بين الشدة واللين وقد هجا بعض الأشخاص المسؤولين آنذاك لتراخيه في أمر العقيدة وقد أملى علي أبياته في هجائه غير أني لم أرد ذكره لما فيه من التصريح باسمه، وقد توفي قريبا رحمه الله فلا حاجة لذكرها بعد وفاته.
والجدير بالذكر أن زميله الشيخ عبد الرزاق كان سفره إلى مكة لنفس السبب، ثم سافر حفظه الله إلى الهند بدعوة السيد الندوي ومكث ثلاث سنوات ثم رجع إلى العراق ومن ثم سافر إلى أوربا لتحصيل شهادة رسمية عالية بجانب شهادته القروية من جامعة القيروان.
فسافر إلى جنيف ولقي الأمير شكيب أرسلان فتوصل إلى التدريس في جامعة ((بون)) محاضرات في اللغة العربية ودرس حتى نال الدكتوراه سنة ١٩٤٠م.
ثم سافر إلى المغرب ومكث حتى انتهت الحرب فرجع إلى العراق وعمل أستاذا في جامعة بغداد إلى قيام ثورة عبد الكريم قاسم فهرب إلى ألمانيا ومنها إلى المغرب فعين مدرسا في جامعة الملك محمد الخامس.
ومن ثم دعي إلى المدينة المنورة للتدريس في الجامعة الإسلامية ابتداء من سنة ١٣٨٨هـ ولم يزل بها حتى الآن مدرسا وعضو المجلس الإداري.
هذه خلاصة ما سمعته مشافهة من فضيلته، وقد سجلته نظرا إلى أنه يعتبر من أسبق المعاصرين لأوائل هذا العهد.
أما الشيخ عبد الله التنبكتي فهو من بلاد مالي من إقليم تنبكتو وهي العاصمة العلمية والسياسية لتلك البلاد وقد كان من علماء العربية والفقه.