وكان له نشاط حميد في الدعوة بالمدينة ولظروف ما عاد إلى بلاده حوالي سنة ١٣٤٤هـ وزاول نشاطه منقطع النظير في الدعوة إلى الله بفتح المدارس وتعليم عقيدة السلف، وكانت له جولات مع أعدائه على أيدي المستعمرين الفرنسيين آنذاك ولكن الرجل في نصرة دين الله فكان الله ناصر له كما قال تعالى:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا} ولم يستطع الأعداء هناك النيل منه وبقي على عمله حتى توفاه الله.
ولعلي آتي بتفاصيل أوفى عنه وعن نشاطه في رسالة التراويح هذه التي ستطبع إن شاء الله تعالى قريبا في كتيب مستقل.
أما الشيخ صالح رحمه الله فقد آلت إليه الإمامة بعد هؤلاء جميعا وقام بها وحده منفردا بها منقطعا إليها ومكث بها مدة خمس وعشرين سنة تقريبا. وتوفي رحمه الله عن عمر يناهز الثمانين.
وكان من أهل القصيم وكتب عنه الشيخ محمد سعيد دفتر دار كتابة وافية في كتابه المخطوط أعلام المدينة.
ولكن الذي يهمنا هو جانب الإمامة وما له فيه من غرائب ونوادر لم تنقل عن غيره منها ما سمعته من فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح عنه أنه كان رحمه الله إذا أتى المسجد لصلاة العصر لم يخرج حتى يصلي العشاء، وإذا أتى لصلاة الفجر لا يخرج حتى تطلع الشمس.
ومنها ما سمعته من الشيخ عبد الرحمن الحصين أنه لم يؤخذ عليه سهو في الصلاة إلا النادر كما سمعت من فضيلة الشيخ عبد المجيد أنه دخل في الصلاة مرة ثم التفت وأشار إليهم مكانكم وذهب فتطهر وعاد للصلاة ولم يستخلف لأنه كان حريصا ألا تفوته صلاة وهو بالمدينة.
ولذا فالمشهور أنه لم يتخلف عن صلاة قط مدة وجوده بالمدينة إلا لمرض ولم يخرج من المدينة إلا إلى الحج وحج مرة واحدة.
ومن الطريف أن إمام الحرم المكي في وقته كان ربما أطلق على نفسه إمام الحرمين فجاء إلى المدينة وأراد أن يصلي بالمسجد النبوي ولو فريضة واحدة كي يبرر هذا الإطلاق فلم يمكنه الشيخ صالح من ذلك أبدا.
ومن العجائب ما حدثني به رحمه الله أنه في بعض الأيام استيقظ لصلاة الفجر