وكان من عادته أن يبكر قبل الوقت بساعة تقريبا يتوضأ ويوتر ثم ينزل إلى الحرم وبعد أن أتم وضوءه وأراد لبس حذائه فإذا بعقرب فلدغته في قدمه، ولم يجد من يسعفه في ذلك الوقت ولم يستطع إخبار نائبه ليصلي عنه فصبر وتجلد ونزل إلى الحرم كعادته، وانتظر الموعد المحدد الذي ألف الناس إقامة الصلاة فيه وهو بعد الأذان بثلث ساعة ثم صلى بالناس، ولم يقدم الصلاة عن الموعد المحدد حرصا على إدراك الناس للجماعة، وكل ذلك لم يعلم بحالته أحد حتى انتهى من صلاته وعندئذ نفد صبره وانهارت قواه فلم يستطع النهوض وأخبر بعض الحاضرين فقرأ عليه بعضهم ثم نقل إلى بيته وأسعف هناك بمصل ضد العقرب. وكان في أخريات حياته ينوب عنه فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح ثم لما ثقلت عليه القراءة صار ينوب عنه في الجهرية وفي خطبة الجمعة وهكذا في التراويح وفي العشر الأواخر.
أما فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح إمام وخطيب المسجد النبوي الآن ومساعده فضيلة الشيخ عبد المجيد المعاصران فإن معاصرتهما وإمامتهما تغني عن التحدث عنها، ومعرفة الجميع لها تكفي عن التعريف بهما وما يعرفه المعاصرون عنهما أكثر مما سيكتب بخصوصهما.
ولكن ما لابد منه لهذا العرض وما له صلة بصلاة التراويح، وما يقتضيه المقام من الإشارة بإيجاز فإني أوجزه في الآتي:
أولا: فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح آل صالح ولد بالمجمعة ونشأ في أسرة كريمة عرف جميع أفرادها بالفضل وتحتل مكانتها في البلدة المذكورة بأصالة الرأي وحسن القدوة في أعيانها، فنشأ حفظه الله على أسس كريمة فاضلة ومحبة للخير فحفظ القرآن الكريم في صغره قبل البلوغ. ودرس على المشايخ الأوائل، وأكثر من أخذ عنه العلامة الفاضل الشيخ عبد الله ابن عبد العزيز العنقري من كبار علماء عصره وصاحب الحاشية المعروفة بحاشية العنقري على الروض المربع في ثلاث مجلدات. ثم أنهى دراسة التجويد على الشيخ القراء في المسجد النبوي وإمام عصره في القراءات فضيلة الشيخ حسن الشاعر سنة ١٣٧٠هـ على قراءة حفص.