واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلا وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال وأنه يؤم هذه الأمة ويصلي عيسى خلفه.. ومن ذلك أنه نقل قول البيهقي: "والأحاديث على خروج المهدي أصح إسنادا"، ثم ذكر ابن القيم بعض الأمثلة لهذه الأحاديث، ومنها أن ابن القيم قال: "وفي الباب عن حذيفة بن اليمان وأبي أمامة الباهلي وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص وثوبان وأنس بن مالك وجابر وابن عباس، وغيرهم..".
ثم أورد عدة أحاديث رواها بعض أهل السنن والمسانيد وغيرها منها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعيف أورده للاستئناس به ثم قال ابن القيم: "وهذه الأحاديث أربعة أقسام صحاح وحسان وغرائب وموضوعة".
ومنها أنه ذكر الأقوال في المهدي وقال في ثالثها: "القول الثالث: أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.. من ولد الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جورا وظلما، فيملاها قسطا وعدلا وأكثر الأحاديث على هذا تدل. وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف، وهو أن الحسن ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض. وهذه سنة الله في عباده أن من ترك شيئا لأجله أعطاه الله وأعطى ذريته أفضل منه" فهذه نصوص متعددة من كلام ابن القيم في المنار المنيف صريحة في أنه يقول بصحة الأحاديث في خروج المهدي في آخر الزمان، ولا يفهم من كلامه إطلاقا أنه يضعف الأحاديث الواردة فيه مطلقا كما نسب ذلك إليه ابن محمود..
١٢- وقال الشيخ ابن محمود في ص ١٩:
"وممن انتقد هذه الأحاديث - يعني أحاديث المهدي - العلامة ابن القيم في المنار المنيف في الصحيح والضعيف" ثم قال:
"ومنهم الشاطبي صاحب كتاب الاعتصام فقد ألحق المهدية والإمامية بأهل البدع" ويعني بالمهدية الذين يصدقون صحة خروج المهدي..
وقال أيضا في ص ٣٥:
"وقد رأينا من يؤيد ابن خلدون من العلماء المتقدمين والراقين في العلم والمعرفة والاعتصام بالكتاب والسنة ومنهم العلامة ابن القيم فقد ذكر في كتابه المنار المنيف عن أحاديث المهدي وضعفها" ثم قال: "ومنهم الإمام الشاطبي في كتابه الاعتصام فقد جعل المهديين والإمامية من أهل البدع ويعني بالمهديين الذين يصدقون بخروج المهدي ودونك كلامه بلفظه إثباتا للحجة والعذر وإزالة للشبهة والعذل قال بعد كلام له سبق في المتبعين لأهل الأهواء والبدع:
"وكذلك من اتبع المهدي المغربي المنسوب إليه كثيرا من بدع المغرب، فهو في الإثم والتسمية مع من اتبع إذا انتصب ناصرا لها ومحتجا عليها" وقال: "ولقد زل بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال أقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابه والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل..".
وقال: "ومذهب الفرقة المهدية التي جعلت أفعال مهديهم حجة وافقت حكم الشريعة أو خالفت بل جعلوا أكثر ذلك أنفحة في عقد أيمانهم من خالفها كفروه وجعلوا حكمه حكم الكافر الأصلي..".
ثم قال ابن محمود: "وبذلك تنقطع حجة من ادعى أنه لم يسبق الإمام ابن خلدون أحد من العلماء في تضعيف أحاديث المهدي.." انتهى.
والجواب أن الشيخ ابن محمود ذكر أن ممن سبق ابن خلدون في تضعيف أحاديث المهدي الإمامين ابن القيم والشاطبي وسبق إيضاح عدم صحة ما نسبه إلى ابن القيم في ذلك، أما الإمام الشاطبي فما نسبه إليه غير صحيح أيضا فإن كلام الشاطبي عن اتباع المهدي المغربي لا علاقة له بموضوع الأحاديث الواردة في المهدي الذي يخرج في آخر الزمان والتي قال بصحتها وثبوتها العلماء من أهل السنة والجماعة قديماً وحديثا، أما قول الشاطبي رحمه