للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

البخاري في العلم على مراتب الصحابة ويعترف أن مراتب الصحابة في العلم تفوق مراتب العلماء بعدهم وأنهم لا يقاس بهم أحد ممن كان بعدهم كائنا من كان..

وإن قال: إن العلم ليس بشرف ولا فضيلة ولا منزلة عالية ولا كرامة كما هو ظاهر كلامه ههنا وفي قوله أيضا: وليس لإنسان أن يقرن الفضل بالعلم وقوله أيضا إن الفضيلة شيء والعلم شيء آخر.

قيل هذا كلام لا يقوله إلا من رفع عنه التكليف فلا يعول عليه ...

الموضع الخامس: زعم أبو تراب أن الفقهاء يخالفون مذاهب الصحابة في مئات المسائل. وزعم أيضا أن الفقهاء خالفوا الصحابة في المسائل الاجتهادية التي يخالف فيها الصحابة بعضهم بعضا زعم أيضا أن أبا حنيفة قال: "هم رجال ونحن رجال".

والجواب أن يقال: ظاهر كلام أبي تراب في عبارته الأولى أن الفقهاء يخالفون مذاهب الصحابة حتى في المسائل التي أجمع عليها الصحابة رضي الله عنهم وهذا خطأ ظاهر فإن الفقهاء لم يخالفوا ما أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم. ولو قدر أن أحدا من الفقهاء خالف إجماع الصحابة فخلافه مردود عليه لأن إجماع الصحابة حجة قاطعة.

وكذلك قول الصحابي إذا لم يخالفه غيره من الصحابة فإنه حجة يجب المصير إليه قاله الشافعي وغيره من أكابر العلماء..

ولا أعلم أحدا خالف إجماع الصحابة سوى أبي تراب فإن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على تفضيل أبي بكر ثم عمر رضي الله عنهما على سائر الأمة ولم يستثنوا في التفضيل أحدا من الصحابة لا أُمهات المؤمنين ولا غيرهم ولو يستثنوا في التفضيل شيئا من خصال الفضل لا العلم ولا غيره ولم يخالف هذا الإجماع أحد من التابعين ولا من بعدهم من العلماء حتى جاء أبو تراب في آخر القرن الرابع عشر من الهجرة فشذ عن أهل العلم وخالف إجماع الصحابة حيث فضل أمهات المؤمنين على عمر رضي الله عنه وفضل كثيرا من الصحابة على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في حفظ القرآن وفي العلم والفقه. ولم يكتف بذلك بل فضل البخاري في العلم على سائر الصحابة وقد قال الشاعر:

خلافا لقولي من فيالة رأيه ... كما قيل قبل اليوم خالف لتذكرا

<<  <  ج: ص:  >  >>