للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سخر له كل ما في سمائه وأرضه، بما نرى كل يوم ونسمع، ولكنه لم يقرَ ولم يقنع، وهل أنقص سبحانه شيئا فجاء الإنسان ليتم هذا النقص قد قرأ هذا الإنسان أو سمع أو علم {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً} ، ولكن لما كان الإنسان (ظلوما جهولا) اكتفى بحمل الأمانة قولا وأباها عملا، إلا الذين هم قليل ما هم.

وفي مراجعتنا لمواد حقوق الإنسان وجدناها متكررة متداخلة، وكنا عازمين قبل أن يتبين لنا ذلك جعل حديث منفرد عن كل مادة من الثلاثين، ولكننا وجدنا الكلام سيتكرر مع تكرار ما يشير إليه كثير من هذه المواد، فأثرنا أن نقسمها إلى مجموعات، كل مجموعة منها تشمل المواد المتقاربة الموضوع، فأصبحت عشر مجموعات بعشرة أبواب مرتبة هكذا:

الباب الأول عن المادتين، ١، ٢

الباب الثاني عن المواد، ٧، ٨، ٩، ١١،١٠

الباب الثالث عن المواد، ٣، ٥، ١٢

الباب الرابع، ٤، ١٨، ٢٠،٢١

الباب الخامس عن المادة، ١٦

الباب السادس عن المواد، ١٣، ١٤، ١٥

الباب السابع عن المادتين، ١٧، ٢٣

الباب الثامن عن المواد، ٢٢، ٢٤، ٢٥

الباب التاسع عن المادتين، ٢٦، ٢٧

الباب العاشر عن المواد، ٢٨، ٢٩، ٣٠

هذا وما قصدنا المقارنة بين ما وضع الله وما وضع الإنسان معاذ الله، فنكون قد خسئنا وخسرنا. لأن المقارنة بين الكائن والمكون في حكم العقل المجرد أمر محال، وإنما قصدنا أن نظهر كيف تفعل الحجة الدامغة بالحجة الداحضة، والله يخرج من قلوبنا سخائمها حتى تكون مصفاة من كدر الرياء، آمين.

وإن يعجب القارئ فعجب أن التاريخ الذي أعلن فيه حقوق الإنسان كان نفس التاريخ الذي أعلن فيه قيام إسرائيل على جثث وعظام الأمة الفلسطينية، والفلول التي بقيت منها قطَعت في الأرض هائمة على وجهها، والتاريخ هو عام ١٩٤٨م تاريخ حقوق على ورق أعلنت، وحقوق شعب بأكمله سرقت، أختطف وطن بأسره أرضا وزرعا وضرعا وديارا بعد أن أوغل فيه تذبيحا وتمزيقا، الأطفال قبل النساء والنساء قبل الرجال في قصة هي من أبشع ما حكت الدنيا من قصص التوحش اليهودي، فعل الصهيونيون ذلك عام إعلان حقوق الإنسان تماما ليفهموا كل الخليقة أنهم ليسوا من بني الإنسان حتى يتقيدوا بحقوق الإنسان، ولا زالوا ملتزمين بما طبعوا عليه من الفظاظة والقسوة {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} ، هذا وصف خالقهم لهم، وتأكيدا لوصف خالقهم هذا ازدادوا على مر الأيام قسوة وضراوة حتى مزقوا القرآن، مع يقينهم من أنه كتاب الله بما قرؤوه في توراتهم، أما عن الأمم المتحدة فقد حضرت هذه المسماة بإسرائيل هذه الهيئة بأسوأ صور التحقير، لما وضعت تحت نعلها ما يزيد عن عشرين قرارا أصدرته ضدها هي ومجلس أمنها.

ذلك لأن السجية التكوينية لليهودي هي أنه لا يعيد ما سرقه إلا إذا جدعت أنفه، ولا يرد ما اختطفته يده إلا إذا كسرت ذراعه أو سلبته حياته، فليس داخلا في نظام دنياه لغة المحادثة أوالمفاهمة، وهل من عقل يتصور بأن هناك من يصدق القول عنهم أكثر من بارئهم، وصاحب الصنعة أدرى بسر صنعته {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ، ثم نقل سبحانه سرهم التكويني هذا إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم حين قال له هذا القول العجب: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>