عندنا واحدة وهى أنه ترك حقا ليس سواه، وهو الله، واعتنق باطلا يتردى في نتن أنواعه المتعددة، لا يترك واحدا منها إلا ليذهب إلى ما هو مثيله في الضلال والوبال، فلا مفاضلة بين الباطل مهما تفاحشت أنواعه وأعداده وأوساخه.
أما بالنسبة لديننا الذي نسبه الله إلى نفسه {يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً} أيّ دين الله هذا؟ {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه}{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلام}{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} ، والآية الأخيرة أنهت الجواب بأعظم حسم لمن يريد أن يدْخل الإسلام في تلون الحرباء والتقلب في دناءة الهوى، فالمسلم يوم أن أسلم قطع مع الله عهدا هائلا، ووضع يده في يده سبحانه لتكون هي العليا، فلا تسمح له بأن ينفض يد البيعة ببساطة متى عنَّ له ميله، دون أن يذوق وبال أمره {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِه} ، فليست كل بيعة تقوض بسهولة، وليس كل عهد يلعب به، وكان الطرف الأقوى هو خالق المعاهد ورب المبايع، ثم يترك هكذا سُدًى طليقا، وإنما كما قال الأجلُّ الأعزّ {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ}{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} ، وقبل هذا الأمر الرهيب الذي ينتظره في الآخرة بما ذكرت الآيات، فلا بد أن نجعل منه نحن زاجرا مخيفا لمن يتلاعب بدين الديان، الذي ما أقر دينا سواه ليبقي على الأرض، حتى يرث هو أرضه ومن عليها.
(الباب الخامس)
ونتناول الحديث في هذا الباب عن مادة واحدة من مواد إعلان حقوق الإنسان وهى المادة السادسة عشرة، ومع أنها مادة واحدة فسيكون الكلام عنها هو أطول ما قيل في الأبواب العشرة؛ ذلك لأن هذه المادة تختص بالمرأة، والحديث عن المرأة متشعب ومشكل، وشائك أيضا، وقد يكون ذلك هو السبب في أن المرأة كثيرة الكلام لا تنتهي لها ثرثرة، وعلى أي حال سنبدأ الحديث عنها في هذا الباب بالصورة التي رتبناها منذ البداية، وهى نقل حرفية المادة المذكورة فيما زعموا (حقوق الإنسان) ، وهى:-
(المادة السادسة عشرة)
أ- للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسس أسرة، دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج، وأثناء قيامه، وعند انحلاله.