للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشياطينهم، فقدم عدو الله عامر بن الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يغدر به، فقال لأربد بن قيس: " إذ أقدمنا على الرجل فإني سأشغل عنك وجهه، فإذا فلت ذلك فاعله بالسيف "، فكلم عامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا" فلما ولّى قال عليه الصلاة والسلام: "اللهم أكفني عامر بن الطفيل" فلما خرجوا قال عامر لأربد: "ويحك، أين ما كنت أمرتك به؟ فقال: والله ما هممت بالذي أمرتني به إلا دخلت بيني وبينه، أفأضربك بالسيف؟ "، ولما كانوا ببعض الطريق، بعث الله تعالى على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله، وزاد في صحيح البخاري أن عامرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أخيك بين ثلاث خصال، أن يكون لك أهل السهل ولى أهل المدر، أو أكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء"، فطعن –أصيب بالطاعون- في بيت امرأة، فقال: أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني فلان؟ إيتوني بفرسي، فركب فمات على ظهر فرسه.

وسرنا على دمى الأحقاب نكرم اللاجئين إلينا ومن أرادوا الإقامة ولو كانوا غير مسلمين ماداموا لم يتحولوا إلى مقاتلين أو ضارين بالإسلام وأهله بصورة أو أخرى، فقد نص الفقهاء على أنه يجب على الإمام أن ينصر المستأمنين (والمعبر عنهم اليوم باللاجئين السياسيين) ما داموا في دار الإسلام، وأن ينصفهم الإمام ممن يظلمهم، وكذلك أهل الذمة لأنهم تحت ولايته ما داموا في دار الإسلام أيضا.

وفي خلافة عمر بن عبد العزيز أرسل إليه واليه في مصر يطلب منه الموافقة على عدم دخول أهل الجزية الإسلام فقد يكون ذلك هروبا من الجزية، لأن دخولهم أدى إلى نقص في إيراد بيت المال وقال لعمر بن عبد العزيز في رسالته: إن الإسلام أضر بالجزية، حتى لقد نقص عشرون ألف دينار من عطاء أهل الديوان، فكتب إليه هذا الخليفة الراشد بالرد الآتي: "أما بعد، فقد بلغني كتابك، فضع الجزية عمن أسلم، قبح الله رأيك، فإن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم هاديا ولم يبعثه جابيا. (ذكر ذلك المقريزي في خططه) .

بل إن خالد بن الوليد رضي الله عنه قد أمن غير المسلمين ضد الشيخوخة والمرض والفقر حين كان يزحف منتصرا باسم الإسلام، فقد كتب في معاهدة الصلح مع أهل الحيرة وكانوا نصارى، ما يلي:

" وجعلت لهم أيّما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله ما أقاموا بدار الإسلام. بل ولتسمع رأي غيرنا فينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>