أقول: وإذا كان إلهام النفس وإتيانها تقواها، هو تعريفها دروب الخير وإلهامها سلوكها وتوفيقها إلى التزامها، وإذا كانت زكاة النفس هو تطهيرها من كل دنس، والسمو بها –بطاعة الله عز وجل- إلى مراقي الفوز والفلاح، إذا كانت تقوى النفس وتزكيتها بهذه المثابة، فقد حُقّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلجأ في ضراعة لمولاه الذي يتولاه ويتولى المؤمنين، فيقول:"اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها".
وحين يستجاب هذا الدعاء العظيم، يتحقق للنفس من خيري الدنيا والآخرة، ما تسعد به سعادة لم تشهد قبل لها مثيلا.
ومن ثم كان مقتضى معرفة معنى اسم (المولى- والوليّ) ،أن ينزع المؤمن من قلبه كل ولاية لغير الله تعالى، فيستبعد كل ولاية زائفة, ويحطم كل ولاية لعديد الجبابرة من طواغيت الأحياء أيا كانت سطواتهم ومهما بلغ سلطانهم، ولحشود المقبورين من طواغيت الأموات أيا كانت شخصياتهم ومهما سمت مرتباتهم، وأن يجرد الولاية لله الحق في الحياة الدنيا والآخرة، لينعم بإكرام الله تعالى له بالنصر والفوز في الدارين.
أسألك اللهم ربي ومولاي، أن تثبت قلبي- مع اخوتي على درب الإيمان-على دينك، وأن تصرفه على طاعتك، وأن تجعل ولايته خالصة لك," أنت وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلما وألحقني بالصالحين".
قال الله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ}(سورة الروم آية ٤٣) .