للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

لم سميت أسماء الله تعالى بالأسماء الحسنى؟

وردت تسمية الأسماء الحسنى في قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف آية ١٨٠) وفي قوله: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (طه آية ٨) . وسميت الأسماء الحسنى، لأنها حسن في الأسماع والقلوب، وتدل على توحيده، وكرمه وجوده، ورحمته، وأفضاله ١ كما أنها تدل على أحسن مسمى، وأشرف مدلول.

وكل اسم يدل على صفة كمال عظيمة، وبذلك كانت أسماء الله تعالى جميعا حسنى، فهي ليست أعلاماً محضة، إذ لو كانت كذلك ولم تتضمن صفات الكمال لم تكن حسنى، وكذلك لو دلت على صافات ليست بصفات كمال: كصفات نقص، أو صفات منقسمة إلى المدح.. والقدح لم تكن حسنى ٢.

فكل اسم من أسمائه تعالى دال على جميع الصفة التي اشتق منها لجميع معناها، وذلك نحو اسم الدال (العليم) الدال على أن له علما محيطاً عاما لجميع الأشياء، فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.

واسم (الرحيم) الدال عَلى أن له رحمة عظمية واسعة لكل شيء.

واسم (القدير) الدال على أن له قدرة عامة لا يعجزها شيء - ونحو ذلك.

ومن تمام كونها حسنى أنه لا يدعى إلا بها، ولذلك قال تعالى: {فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف آية ١٨٠) ٣..

ما سبب نزول آية {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ؟

قال مقاتل وغيره من المفسرين: "نزلت هذه الآية في رجل من المسلمين كان يقول في صلاته: يا رحمن يا رحيم، فقال رجل من مشركي مكة: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا، فما بال هذا يدعو ربين اثنين فأنزل الله تعالى الآية"٤.

هل حصرت الأسماء الحسنى بعدد معين؟

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال وسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لله تسعا وتسعين اسما مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر" أخرجاه في الصحيحين، والبخاري، وأخرجه الترمذي عن شعيب فذكره بسنده مثله، وزاد بعد قوله: "يحب الوتر": "هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف،


١ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جزء ٧ ص ٣٢٥
٢ الاسم الذي يدل على صفة تنقسم إلى مدح وقدح (أي ذم) مثل الماكر والخادع والكايد لهذا لم يسم الله تعالى نفسه بمثل هذه الأسماء ولم يجعلها وأمثالها من أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى.
٣ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي جزء ٣ ص ٥٩،٦٠.
٤ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جزء ٧ ص ٣٢٥.