للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان حق المولى على عبده أنه جزء من أملاكه وأمتعته، فله رهنه أو بيعه، والتصرف فيه كما يشتهى لا يمنعه مانع ١.

ولم يكن الحال عند الرومان بأقل مما كان عليه غيرهم من حيث استخدامهم في الأعمال الجسمانية، ومساواتهم بالأمتعة والفرش، فكانوا يباعون بالمزاد. وكانوا يوقفون على مكان عال بحيث يتيسر لكل واحد أن يراهم ويمسهم بيده، ولو لم يكن له نية في شرائه. أحيانا كانوا يشاهدون كيوم ولدتهم أمهاتهم، وكان الرق في نظرهم نتيجة الأسر والسبي، أو الميلاد، أو الدين أو الفرار من الجيش٢. ومن العجيب أن الدولة كانت تسترق بعض الأفراد بسلطة القانون مثل أن يمتنع الشخص من أداء الضريبة، أو بعيب عندما يطلب منه الحضور، فيمتنع فيصبح حينئذ في عداد الأرقاء. وكذلك كان المجرمون والثوار يسترقون للدولة، أما الملحدون في الدين فكانوا يسترقون للمعاد.

وكان الإسبرطيون يكَروُن العبيد لمن يرغب في ذلك، ويشغلونهم في الحروب والقتال زيادة في الخدمة، وفلاحة الأراضي وحراستها وغير ذلك من أنواع العمل الشاق.

وكانت القرون الوسطى مسرحا للاسترقاق. وتكاد كلها تتشابه مع الرومان.

ويعتبر الرقيق كجزء من متاع البيت فهو بمنزلة الفرس والثور، وغيرهما من الحيوانات المستخدمة الأهلية، فكان المولى في شرعهم يتصرف بعبده كما يتصرف بما عنده من الأشياء ذات القيمة، وكان لا يجوز له قتله لأنه شيء من الأشياء التي تملكها يمينه، ولم يختلف الاسترقاق عن سابقه عند الغاليين وهم السكان المعروفون في فرنسا وأمام جبال الألب في إيطاليا الشمالية. وأقاليم الغاليا في الجزر البريطانية وإسبانيا وكذلك سكان جرمانيا- ألمانيا- فكانوا يحتكمونهم بطريقة الشراء أو الميراث، وكانوا يكلفون بخدمة المنازل، وكان الولي يفرض عليه مقدارا من القمح أو الماشية أو الملابس كأنه من مؤاجريه، وكان سكان نَهر الرين الأسفل إذا تزوج أحد الأهالي برقيقة أجنبية وقع في الرق والاستعباد. وكذلك المرأة الحرة التي تتزوج برقيق تفقد حريتها، وينالها العقاب.

وكان عند القوط أن المرأة الحرة إذا تزوجت برقيقها، كانت عقوبتها أن تحرق هي وإياه وهما على قيد الحياة، وإذا كانت لا تمتلك العبد يفسخ النكاح، ويجلد كل منهما


١ النظم الإسلامية ص ٣٠١.
٢ النظم الإسلامية ص ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>