من العقائد التي كانت تدرس علانية باسم "القانون الشفهي"، بل كان رئيس محكمة كل جيل أو نبيه يضع مذكرة عمَّا سمعه عن سلفه وموجهيه، لينقلها شفهيًّا إلى شعبه، وهكذا ألَّف كل فرد "من العلماء" كتابًا مماثلًا ليستفاد منه حسب درجة كفاءته، إذا كان متمكنًا من القوانين الشفهية وما توصل إليه السابقون من تفسير التوراة، والقرارات التي أعلنت في مختلف الأجيال، وقررتها المحكمة العليا "السنهدرين"، وهكذا تقدَّم الزمن حتى أتى حاخامنا المقدَّس الذي جمع لأوَّل مرة كل ما يتعلق بالسنة والأحكام والقرارات، وشرح القانون المروي عن موسى -معلمنا- المأمور به في كل جيل" ١.
١ Introductaion, Hebrew leterature, pp v, vi ويمكن لنا استنباط الفوضى والنزعات الشخصية التي طغت على نفوس الحاخامات الذين -حسب شهادة موسى بن ميمون- لم يتفقوا على أمر فيما بينهم حول القانون الشفهي، حتى جمعه يهوذا هاناسي، وهذه النزعات التي تغيرت من جيل إلى آخر هي التي ظلت تحكم روح التلمود الذي يقدس اليهود تعاليمه أكثر من التوراة {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [المائدة: ١٣] .