إذا صعد على الدرج في قصره، يصطف له صفان من العذارى على الجانبين، وهن عاريات الصدور متعطرات متبرِّجات بزينة، حتى يتكئ بيده على (النهود)!!.
هكذا تسري سموم " ألف ليلة وليلة " تقتل في بطء، وتفتك على مهل، وبدون أنْ تترك أثراً أي أثر (مثل ذلك النوع من السموم التي صارت تستخدمه وكالات الاستخبارات (الحديثة)(المتحضِّرة) في التخلص من المناوئين.
ولو أردت أنْ تعرف مدى احتفاء هؤلاء بـ " ألف ليلة وليلة "، فانظر في " دائرة المعارف الإسلامية " لترى أنهم كتبوا عنها ٣٥ صفحة كاملة، وأنَّ نحو عشرين من عُتاتهم وأعلامهم أصدروا أبحاثاً عنها، ما بين دراسات وترجمات وتعليقات.
وبالتالي كان لنا مثل هذه العناية أو أشد، حتى صارت تقدم حلقات مسلسلة في الإذاعات مسموعة ومرئية، وكأنَّ ما كان من كتابات ودراسات، وطبعات ومختصرات، لم يكف، فأرادوا بالسم أنْ يصل إلى النخاع.
وآخر أخبر " ألف ليلة وليلة " ما كتبه الأستاذ أحمد بهجت في صحيفة " الأهرام " على لسان والد طالبة في كلية الآداب بجامعة القاهرة يشكو من تكليف ابنته بدراستها، واطلاعها على ما فيها من فُحْشٍ يخدش الحياء، ويرجو (فقط) أنْ تتاح لأبنائنا طبعة (مُهَذَبَةً) خالية من هذه (الألفاظ). وإلى هنا والأمر طبيعي لا شيء فيه، ولكن الذي يلفت الانتباه أنَّ الأستاذ الجامعي الذي أمر طلابه بهذا ثار وهاج وماج وسب وشتم، واتهم من يحول بين (الطالبات) وبين هذه الـ " ألف ليلة وليلة " بكل ما فيها وجعله جاهلاً بالتراث ولا يدري ما معناه وقيمته.
وهكذا تكون قد نجحت خطة القوم، في وضع " ألف ليلة وليلة " في بؤرة الشعور، أو في بؤرة التراث، إنْ صح هذا التعبير.