في إبان قيادتنا للإنسانية، وريادتنا للبشرية، وأيام إسعادنا للدنيا، وسعادتها بنا، جعلوا " ألف ليلة وليلة " هي الصورة (الحقة) لحياة المسلمين، حينما يسودون ويقودون، بمنهج يبدو مستقيماً، في ظاهره، وفي حقيقته كل الالتواء، إذ قالوا:«إنَّ الأدب مرآة للمجتمع الذي يولد فيه» وهو وثيقة يُحَرِّرُهَا (الناس) بعيداً عن السلطة، وعن المراقبة، حيث لا رغبة ولا رهبة، ولا مجاملة، وحيث يكتب من يكتب بنفسه لنفسه، لا يعنيه أْنْ يَطَّلِعَ الناس على ما يكتب، ولا يدري أنَّ الناس سيقرأون ويدرسون ما كتب (٢٠)، كذا قالوا.
وبهذا الأسلوب، وبهذا المنطلق صارت " ألف ليلة وليلة " معين الدارسين، منها يأخذون أخبار تاريخهم ومن وحيها يرسمون صورة أجدادهم، وآبائهم، ومن هنا لم نعجب حينما كتب (أحدهم) مقالاً هائجاً في مجلة سيارة من المجلات التي تدعو إلى (النهضة) وتحلم (باليقظة) لا نعجب إذ جعل عنوان مقاله: (لئلاَّ يعود هارون الرشيد).
وكتب كاتب واع ممن يدري من أين أتت هذه السموم، يرثي لحاله، ويدعوه أنْ يعاود النظر في تاريخ أمته وكان مقاله بعنوان (بل، ليعد هارون الرشيد).
ولا تعجب إذا سمعتَ - كما سمعتُ أستاذاً جامعياً، ممن انعقد لهم لواء الريادة في مجال الفكر والتربية، وصياغة العقول، عقول شبابنا وأجيالنا المقبلة، صرخ ذات حديث عن التراث وهو يتأفف ويكاد يصاب بالغثيان:«أتريدوننا أنْ نعيد ليالي بغداد وهارون الرشيد؟؟؟.!!!».
وآخر ذات يوم يقول، وهو في نشوة الإعجاب بنفسه الراضي عن واقعه كل الرضا، شاعراً أنه مفكر العصر والأوان. يقول: «كان هارون الرشيد
(٢٠) لسنا هنا لمناقشة هذا المنهج (الآن) وهو الذي يبدو في ظاهره صائباً لكن وراء ذلك ألف تحفظ وتحفظ.