وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له فى الهجرة، ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن، إلا على بن أبى طالب، وأبو بكر بن أبى قحافة الصديق رضى الله عنهما، وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الهجرة،
فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا
، فيطمع أبو بكر أن يكونه.
ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا، وأصابوا منهم منعة، فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم، فاجتمعوا له فى دار الندوة- وهى دار قصى بن كلاب التى كانت قريش لا تقضى أمرا إلا فيها- يتشاورون فيها ما يصنعون فى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حين خافوه.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم، فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا، فأجمعوا فيه رأيا.
فتشاوروا ثم قال قائل منهم: احبسوه فى الحديد، وأغلقوا عليه باباثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله، زهيرا، والنابغة، ومن مضى منهم، من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم. ثم قال