للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدون رضاها واعترض أبوبكر الرازي بأن الأيامى شامل للرجال والنساء وحين لزم في الرجال تزويجهم بإذنهم فكذا في النساء ويؤيده ما

روي أنه صلى الله عليه وسلم قال «البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها» «١»

وأجيب بأن تخصيص النص لا يقدح في كونه حجة في الباقي. والفرق أن الأيم من الرجال يتولى أمر نفسه فلا يجب على الولي تعهده بخلاف المرأة فإن احتياجها إلى من يصلح أمرها أظهر، على أنا لا نسلم أن لفظ الأيامى عند الإطلاق يتناول الرجال، وفي تخصيص الآية بخبر الواحد أيضا نزاع. واستدل أبو حنيفة بعموم الآية أيضا على أن العم والأخ يليان تزويج الثيب الصغيرة ونوقش فيه. قال الشافعي: من تاقت نفسه إلى النكاح استحب له أن ينكح إذا وجد أهبة النكاح وإلا فليكسر شهوته بالصوم لما

روى عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فإن الصوم له وجاء» «٢»

والذي لا تتوق نفسه إلى النكاح لكبر أو مرض أو عجز أو كان غير قادر على النفقة يكره له أن ينكح لأنه يلتزم ما لا يمكنه القيام بحقه، وإن لم يكن به عجز وكان قادرا على القيام بحقه لم يكره له أن ينكح لكن الأفضل أن يتخلى لعبادة الله تعالى. وقال أبو حنيفة: النكاح أفضل. حجة الشافعي أنه تعالى مدح يحيى بقوله وَسَيِّداً وَحَصُوراً [آل عمران: ٣٩] والحصور الذي لا يأتي النساء مع القدرة عليهن.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم «أفضل أعمالكم الصلاة» «٣»

وقال «أفضل أعمال أمتي قراءة القرآن»

وقال «أحب المباحات إلى الله تعالى النكاح»

والمباح ما استوى طرفاه، والمندوب ما ترجح فعله ولو كان النكاح عبادة لم يصح من الكافر. والنكاح فيه شهوة النفس والعبادة فيها مشقة النفس والإقبال على الله تعالى فأين أحدهما من الآخر! ولو كان النكاح مساويا للنوافل في الثواب لم تكن النوافل مشروعة لأن الطريق المؤدي إلى المطلوب مع بقاء اللذة وعدم التعب أولى بالسلوك، وإن كان الاشتغال بالنكاح أولى من النافلة لأنه سبب لبقاء الأشخاص ونظام العالم. فالاشتغال بالزراعة أيضا أولى من النافلة للعلة المذكورة. وقد وقع


(١) رواه البخاري في كتاب الحيل باب ١١. أبو داود في كتاب النكاح باب ٢٣- ٢٥. الترمذي في كتاب النكاح باب ١٨. ابن ماجة في كتاب النكاح باب ١١. الدارمي في كتاب النكاح باب ١٣. أحمد في مسنده (١/ ٢١٩، ٢٦١) (٢/ ٢٢٩، ٢٥٠) .
(٢) رواه البخاري في كتاب الصوم باب ١٠. مسلم في كتاب النكاح حديث ١. النسائي في كتاب الصيام باب ٤٣. ابن ماجة في كتاب النكاح باب ١. الدارمي في كتاب النكاح باب ٢. أحمد في مسنده (١/ ٥٧) .
(٣) رواه ابن ماجة في كتاب الطهارة باب ٤. الدارمي في كتاب الوضوء باب ٢. الموطأ في كتاب الطهارة حديث ٣٦. أحمد في مسنده (٥/ ٢٧٧، ٢٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>