ولا إلى الآخرة فيكون بحيث لا يتصرف فيه ما سوى الله، وحينئذ يصلي صلاة الوصال ويفيض على المستعدين زكاة حصول نصاب الكمال يَخافُونَ يَوْماً هو يوم الفراق تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ والبصائر لأنها بيد الله يقلبها كيف يشاء أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ هو حب الدنيا يَغْشاهُ مَوْجٌ الرياء مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ هو حب الجاه وطلب الرياسة مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ الشرك الخفي إِذا أَخْرَجَ يد سعيه واجتهاده لَمْ يَكَدْ يَراها يرى طريق خلاصة وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً أي لم يصبه رشاش النور الالهي في الأزل يُزْجِي سحب المعاصي المتفرقة إلى أن تتراكم فترى. والودق هو مطر التوبة يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ كما خرج من سحاب وعصى آدم مطر ثم اجتباه ربه. ينزل من سماء القلب مِنْ جِبالٍ من قساوة فِيها مِنْ بَرَدٍ هو برد القهر يُقَلِّبُ اللَّهُ ليل المعصية لمن يشاء إلى نهار الطاعة وبالعكس لأولي الأبصار أصحاب البصائر الذين يشاهدون آثار لطفه وقهره في مرآة التقليب وَاللَّهُ خَلَقَ كل ذي روح مِنْ ماءٍ هو روح محمد صلى الله عليه وسلم كما
قال «أول ما خلق الله روحي»
فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي أن تكون سيرته تحصيل مشتهيات بطنه وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ أي يضيع عمره في مشتهيات الفرج لأن الحيوان إذا قصد الوقاع يعتمد على رجلين وإن كان من ذوات الأربع وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ هم أصحاب المناصب يركبون الدواب البتة أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ انحراف في الفطرة أَمِ ارْتابُوا بتشكيك أهل البدع والأهواء أَمْ يَخافُونَ الحيف حين أمروا بترك اللذات العاجلة لأجل الخيرات الباقية وَإِلَيْهِ مَآبِ.