وكذا الكلام في إفراد الظل والحرور. وإنما جمع الظلمات ووحّد النور لما مرّ في أوّل «الأنعام» من تحقيق أن الحق واحد والشبهات كثيرة. وإنما جمع الأحياء والأموات لأن المراد أن أحد الصنفين لا يساوي الآخر سواء قابلت الجنس بالجنس أو قابلت الفرد بالفرد.
الخامسة: لا يخفي أن هذه الواوات بعضها ضمت شفعا إلى شفع وبعضها ضمت وترا إلى وتر. ثم سلى ورسوله بقوله إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ الآية. فقد مرّ نظيره في قوله إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى [النمل: ٨٠] وإنما اقتصر على قوله إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ وكذا في قوله إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ لأن الكلام في معرض التهديد مع أن ذكر البشير يدل عليه بل ذكر النذير يدل على مقابله. والمراد بالنذارة آثارها لثبوت زمان الفترة. ثم زاد في التسلية بقوله وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ وقد مر مثله في آخر «آل عمران» . وإنما حذف الفاعل هناك لبناء الكلام هنالك على الاقتصار دليله أنه قال وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ فاقتصر على لفظ المضيّ ولم يسم الفاعل، ويحتمل أن يكون لفظ الماضي إشارة إلى وقوع التكذيب منهم فإن تلك السورة مدنية والله أعلم.